(فلان أصبح لا ديدي لا حب الملوك). وشبيه بهذا المثل قولنا: (فُلان أصبح لا سلّة لا عِنب).
وحبّ الملوك هو اسم لثمرة الكرز، وهو من الفواكه اللذيذة، أمّا الدادي - والأندلسيون بإمالتهم يلفظونه: الديدي- فهو زَهْر من فصيلة الخرّوب له لون شبيه بحبّ الملوك. وكلمة "دادي": لفظة رومية، يونانية الأصل، أما التسمية العربية فهي شجرة الأرجوان، وفي تعريف "الدادي" يقول أبو جعفر أحمد بن محمد الغافقي الأندلسي: (ويُقال دادي. وهو شجر معروف عندنا بهذا الإسم، وهو شجر عظيم له ورق مُستدير كورق الخبازَى إلا أنه أمتن وأصلب وأشدّ ملاسة، وله زهر أحمر علكيّ اللون، يظهر في الربيع قبل خروج الورق، يتكاثف على الأغصان حتى لا يكاد يبدو منها شيء، وله خرّوب صغير في قدر إصبع فيها حبّ عدسيّ الشكل خمري اللون).
وذكر أبو القاسم الغساني الأندلسي (توفي عام 1019هـ) مثل ما ذكره الغافقي أعلاه، وزاد ما يلي: (وهذا الزهر (يعني: زهر الدادي) إذا جُعِل في الشراب قَوّى سكره وشدّ قوته. وهو كثير بأرض الأندلس بغرناطة وغيرها، وقد ذكره الفقيه عمر [الزّجال] كثيرا في أزجاله وغنّى عليه وتغزّل فيه بأشعاره لجمال منظره وغرابة شكله وملاحة نَوْرِه، ولأجل هذا يُتّخذ في البساتين، ويُعرف عندنا بفاس وبأرض الأندلس بدِيدِي، فمِنْ ذلك قول الفقيه عُمر في زجل مِنْ رَمْلِ الماية، بديع الصّنعة والحِلية:
غرناطة فتنة للبشر
آخر النهار، وزهرها بيدي
قرّب وصّل وعدّي
والحمْرَا واجب تنذكّر
مع الدّشر، مغانيهـا تبدي
زينـــت بخلـدي
وأطراف الثمار
قــد زخرفــت بالجلنــار
صفر وآخر دِيدِي
خلفـــونــــي وعــــدّي
البنفسج حين شدا
ما أعـــزّ علـــي كبــدي
ما أنا وحدي
وقد رأيتُ منه شجرة واحدة عندنا بفاس بعرصة يُقال لها عرصة عائشة المرينية برحبة بني يزناسن. وحدثني والدي –رحمه الله- أنه رأى أخرى بعرصة الطَّرِيفِي من البلد المذكور).
وكلمة دِيدي الواردة في زجل الفقيه عمر تعني اللون الأحمر لا الزّهر ذاته، ولازال في المغرب استعمال (أحمر ديدي) للتعبير عن الأحمر القاني.
: الكاتب